siege auto

15‏/04‏/2012

التعليقات على ما ورد في كلام العربي من التخليطات والتغليطات الحلقة الأولى


 الحلقة الأولى


الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، القائل: «وإنّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنّ الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يكتب عند الله كذابا». صلى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وعلى أصحابه الأبرار الأخيار الميامين، وعلى من سلك سبيلهم واقتفى آثارهم إلى يوم الدين، واحشرنا في زمرتهم يا رب العالمين.
أمّا بعد، فإني أبرأ إلى الله تعالى من كلّ فتنة مضلّة.
لقد اطلّعت على ما سوّدته يمين المدعو : ( العربي ) وما أخرج من جنانه ما يكنّه في نفسه من الحقد الدفين والغلّ الشديد، فعبر عنه ببنانه، وفاهه بلسانه، في موقع الضرار منتديات أهل الحديد، الحدادي الجديد.
وقد يتساءل البعض عن سبب تأخّر هذا الرد، وإن كان ما كتبه لا يستحقّ القراءة فضلا عن الرد. لكن ابتلينا برويبضة هذا الزمان، الذي لا يفهم لغة الصمت والحلم، والإعراض عن الجاهلين.


أعرض عن الجاهل السفيه .... فكل مـا قـال فهـو فيـه
ما ضر بحر الفرات يومـاً..... إن خاض بعض الكـلاب فيه


لكننّا أبناء زمان، والله المستعان، وعليه التكلان.
وجوابه أنّ الله تعالى قد منّ عليّ بالسفر إلى أرض الحجاز لأداء العمرة واصطحبت في سفري ابني عبد الرحمن، فكنت منشغلا بالمنسك وتوابعه، وبالعلم ومسالكه، فما أردت أن أعكر صفو رحلتي بسماع ما تمجّه الأسماع، وتستنكفه الطباع، وتضيق به الذراع.
فقد سافرت من الجزائر إلى أرض الطيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وأقمت بها مدة أسبوع، وقد وفقني الله تعالى لحضور مجالس العلم، ولقاء حملته.
فقد حضرت دروس شيخ المدينة وعالمها العلامة عبد المحسن العباد في شرح كتاب الزكاة من صحيح البخاري، ثم بعد الدرس اجتمع طلاب كثير حولي، يسلّمون عليّ ويرحّبون بقدومي، وكانوا يطرحون أسئلة فأحيلهم إلى الشيخ العباد وبقية مشايخ المدينة، حتى ضاق المجلس، فاضطررت إلى القيام حتى لا نخلّ بنظام المسجد النبوي. وقد تكرّر هذا مرات، حتى كنت أتوارى دبر الصلوات.
وزرنا بيت شيخ السنة وإمام الجرح والتعديل الشيخ عبيد الجابري - سلمه الله من كلّ سوء وشرّ حاسد حقود - رفقة الشيخ الفاضل المكرّم عبد الله البخاري، زرناه مرتين، وقد عقدنا معه حوارا علميًّا مفيدًا كشف عن مدى تمكّن الشيخ من الأمور الدعوية والمسائل العلمية، وقد سجّل هذا اللقاء، وسينشر في مجلة «الإصلاح» الغراء. وقد دعانا الشيخ إلى العشاء، وقد لاحت في بيته مظاهر الجود والكرم وحسن الضيافة، بارك الله في عمره وسعة رزقه.

وعقدنا مجلسين مع فضيلة الشيخ محمد بن هادي المدخلي في بيته
، وقد انفض المجلس الأخير إلى الساعة الثانية ليلا، وأقام الشيخ مأدبة عشاء، أظهر الشيخ من غير تكلّف مدى جوده وكرمه وسعة صدره، وسروره بضيوفه، حتى إنّه كان يكرر مرارا: «سامحونا يا إخوان»، بارك الله له في عمره ورزقه، وأجرينا معه حوارًا علميًّا، تجلّى فيه تمكّن في العلم والحفظ والأدب، وقد سجّل هذا الحوار، وسينشر في مجلة «الإصلاح» المحروسة، ليعم نفعه.

وعقدنا مجلسين مع فضيلة الشيخ الموقّر عبد الله البخاري في بيته، ظهر فيهما بصيرة الشيخ بالمسائل العلمية والدعوية.
وزرنا الشيخ محيي الدين عبد الرحيم في مقر الفتوى بالمسجد النبوي، ثم دعانا إلى بيته للغداء، والشيخ صهر أبي بكر الجزائري، ولما علمت حرمه أننا جزائريون، طبخ لنا الكسكس الجزائري، فتناولنا معه الغداء، وتناولنا معه مسائل علمية حديثية، وقد سجل المجلس، ولعله سينشر في أحد المواقع. وقد استجزت الشيخ فأجازني بارك الله في علمه.
كما عقدت مجالس مع بعض الطلاب الجزائريين، وعقدت مجلسا مع إخوة تونسيين، أما الإخوة الليبيون، فكانوا يتردّدون عليّ مرارا في المسجد النبوي.
واجتمع بي بعض طلاب الدراسات، فكنت أقترح لبعضهم موضوعات للرسائل الجامعية، وأراجع للبعض الآخر خطة بحوثهم.
كما قرأ عليّ أحد الطلاب المحبّين باب الأمر والنهي من مذكرة الشنقيطي رحمه الله.
وممّا قمت به بالمدينة النبوية، المشاركة في الاستراحة –وما أدراك ما الاستراحة- التي أراد المتهوّر تحويلها إلى جراحة، وسأتكلّم عنها في بداية التعليق على كلام الرجل.
ثم سافرت إلى مكة، فزرت بيت شيخنا الهمام إمام الجرح والتعديل الشيخ ربيع، فحضرنا له مجلسا بعد المغرب وكان يوصي الحاضرين بالتمسك بالسنة ونصرة المنهج السلفي، ثم دعانا إلى العشاء، وقد تجلت فيه مظاهر الكرم ومعالي الأدب، ومعاني الفضائل سمة أهل الحديث وبقية السلف.
وزرنا الشيخ المحدث وصي الله عباس، وعقدنا معه مجلسين، وأجرينا معه حوارا، وقد سجّل، وسينشر في مجلة «الإصلاح السلفية»، ويلوح فيه ملامح أهل الحديث من حسن الخلق، السمت، والتواضع، ورحب الصدر، والبشاشة في الوجه، وغيرها التي هي من سمات أهل الحديث حقّا. وقد استجزت الشيخ فأجازني وابني عبد الرحمن، فبارك الله فيه وفي علمه.
وحضرت دروس الشيخ عبد العزيز الراجحي في التفسير، وحضرت آخر درس للشيخ عبد الكريم الخضير في شرح كتاب المحرر في الحديث.
ثم ذهبت إلى بيت الشيخ المحدث السلفي مولوي إعزاز الحق بن مظهر الحق الرباني الأراكاني البورمي، وكان يسكن في الجبل، فلم أجده، ووجدت تلميذه الشيخ أبا جابر الرباني البورمي، وأخبرني بأن الشيخ سافر إلى جدة لقضاء بعض حوائجه. فجلست مع الشيخ أبي جابر وبعض الطلاب الذين يدرسون عند الشيخ مولوي، وتناولنا معه مسائل علمية ودعوية، وأتانا بشراب، اسمه «دكن»، معروف عند البورميين وكذا الأفارقة، وهو لذيذ، حسبته عصير الموز، وقلت لابني عبد الرحمن: اشرب عصير الموز، فقال: هذا دكن، وهو مقوٍّ جدّا، ولمّا تأخّر الشيخ مولوي، وعزمت على الذهاب، أخبرني الشيخ أبو جابر بأن الشيخ مولوي قد أوصاه بأن يعطيني إجازته في مروياته، وكتب اسمي على مذكرة الإجازة.
لكن عزمت على ملاقاة الشيخ مولوي طلبا لعلو الإسناد، وقطعا للواسطة، فرجعت إليه من الغد بعد العشاء، لأنّ الشيخ كان له درس بعد العشاء، فالتقيته وقد أنهى درسه، وقد رأيته نحيف الجسم، لكنه قوي السمت، كبير الخُلُق والتواضع، عليه سمات أهل الحديث، فجلست إليه، ورحّب بي، ثم قرأت عليه بعض الأحاديث من صحيح البخاري ومن صحيح مسلم، فأجازني وأجاز ابني عبد الرحمن في جميع مروياته
ويعبتر إسناده مما اختص به أهل الهند ومن شاركهم فيه، وإسناده في ثلاثيات البخاري من أعلى الأسانيد اليوم، وقد تشرفت بذلك وفرحت كثيرا، إذ وافق ما أقوم به من تحقيقي لكتاب في شرح ثلاثيات البخاري للعلامة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم الحضرمي الأندلسي المتوفى سنة 777هـ، المسمّى: «الفرائد المرويات في فوائد الثلاثيات» على نسخة فريدة.
ثم سافرت إلى الرياض فأقمت عند أخي الفاضل الكريم بلال
فالتقيت الشيخ سعد الشثري في مسجده، وقد صليت خلفه صلاة المغرب، ثم دعاني إلى بيت والده، فاجتمعنا هناك، وقد أهداني بعض مؤلّفاته، منها تحقيقه لكتاب «روضة الناظر» مع شرحها «نزهة الخاطر العاطر» لابن بدران.
ثم زرت مركز الملك فيصل للدراسات الإسلامية، واطلعت على بعض كنوزه وذخائره من المخطوطات النادرة، ورأيت أصغر مخطوط وأكبر مخطوط في العالم للقرآن الكريم.
ثم رجعت إلى مكّة، فلما قرب الرحيل
زرت مرة أخرى بيت شيخنا الإمام الهمام ربيع السنة لأودعه، فحضرت له مجلسا بعد المغرب، كان يجيب فيه عن أسئلة الحاضرين، ثم دعانا إلى العشاء فاعتذرنا له بارتباطنا بالرحلة، وآذناه بالانصراف، ثم قدّمت له ابني عبد الرحمن فقبّله من رأسه ففرح به الشيخ وقال له: ما شاء الله عبد الرحمن بن عبد المجيد، وأوصاه بالسنة ولزوم المنهج السلفي، ودعا له بالخير. وقبل فراقه سألته مرة أخرى عما قاله الإمام ابن القيم، فقال ليس فيها طعن في الصحابة، ثم قال لي كلمة أحتفظ بها لأمانة المجلس.
هذه خلاصة رحلتي إلى الحجاز، ولم أعتد أن أذكر رحلاتي، لكن اضطرني سفيه القوم. فهذا الذي منعني من قراءة ما كتبه الرجل، والرد عليه؛ وشتان ما بين من كان يتقلب في مجالس الذكر وحلق العلم ولقاء أهله، والاجتماع بالطلاب وبين من كان يتقلب في شبكة العنكبوت لينسج من خيوطها بيتا {وإنّ أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}
فحسبكم هذا التفاوت بيننا..... فكل إناء بما فيه ينضح


سبب تهيّج العربي وتهييجه:
بعد رجوعي إلى وطن الأرض، فتحت موقعه المشؤوم على مضض، عالما أن كلامه من قرض، فتجشمت لقراءته، لعلي ألتمس له العذر في براءته، لكن رأيته قد هرّج ومرّج، وأكثر اللجج، وكشف عن حقده الدفين، وحسده العفين.
كلّ ذلك، لأن كاتب هذه الأسطر، شارك في ندوة علمية مع فضيلة الشيخين الكريمين المكرمين محمد بن هادي، وعبد الله البخاري في أرض طيبة الطيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأثار زوبعة في فنجان، وأجلب بخيل الفتنة ورجلها، وفي كل مرة يترجّلها، وكأن الرجل ما خُلق إلا للفتن، كآكلة الجيف، لا تجتمع إلا حول الجيف. وهذه خلاصة الواقعة التي وقعت على العربي فأوقعته في وحل الجهل والخلط والخبط، ووالله الذي رفع السموات بغير عمد ما رأيت أتفه ولا أسفه، ولا أجهل ولا أخطل منه.
لقد حرص بعض الطلاب الجزائريين البارزين على لقائي بالطلاب الجزائريين في المدينة. فأجّروا مكانا للاستراحة لأنه الأنسب، ودُعي إلى هذه الاستراحة الشيخان الفاضلان المكرّمان محمد بن هادي وعبد الله البخاري، فزادنا شرفا وسرورا أن ألتقي بمشايخ المدينة، فأخبرت الإخوة القائمين على هذا التنظيم، أني سأكون حاضرا، ولا أكون محاضرا، فذهبت مستفيدا لا مفيدا، ففوجئت بحضور الطلاب من جميع الجنسيات، حتى ضاق بهم المجلس، بل لعل من كان خارج القاعة أكثر ممن كان بداخلها، وكان حقًّا عرسًا سلفيًّا، يعجز عن وصفه اللسان، وكنت قد تأخرت عن المجلس ودخول القاعة عمدا، حتى أجلس في المؤخّرة، لكن الإخوة الأفاضل أصرّوا عليّ بالدخول وأن أتقدم إلى المنصة بجنب الشيخين، فتقدمت –بعد إلحاح وإصرار شديدين- احتراما واستجابة لطلبهم، ولعلي أحظى بمجالسة أهل العلم، فبعد إلقاء الشيخ إمام السنة العلامة محمد بن عبد الهادي، أفاجأ بإحالة الكلمة إلى كاتب هذه الأسطر، دون إذن أو علم مسبق - وكانت ذلك أشدّ عليّ وقعا -، ولو كلّفت بنقل جبل لكان أهون، ولهذا امتنعت من إلقائها، واعتذرت أني جئت حاضرا لا محاضرا، مستفيدا لا مفيدا، وأصررت على الامتناع، وأخبرت الجماعة أن ما قاله الشيخ محمد كان كافيا وشافيا، والأفضل أن يبقى كلامه يسري في عروق الحاضرين بدل أن يُنسَّى بكلمتي. واستنجدت بالشيخ البخاري لينقذني من هذه الورطة، وبقينا بين أخذ ورد، وجزر ومد، قرابة عشر دقائق، ولما تدخل الشيخ محمد وأحال إلي الكلمة، استحييت منه كثيرا، بناء على وجوب احترام العلماء وتقديرهم وعدم ردّ طلبهم، فارتجلت الكلمة، وقد صدّرتها باعترافي وإقراري أني لا أتقدم ولا أتكلم بين يدي أهل العلم، وختمتها بإقراري بقلة بضاعتي واستحيائي من المشايخ والطلاب، ولعل بعضهم أعلم وأقعد مني، لأني تكلّمت بين أيديهم. وقدّمت بحق –ولا أزكي نفسي الأمارة بالسوء- درسا عمليا في أدب طالب العلم، وهو أن يعرف قدره ولا يتجاوز طوره، وألا يتقدم ويتجاسر بين يدي أهل العلم.
ثم ألقى الكلمة الشيخ المكرم عبد الله البخاري، ثم انفض المجلس، وقد غمر الطلبة والمشايخ السرور، وعمّهم القرور، وخرج الجميع متحابين مسرورين ملحّين على تكرار مثل هذه المجالس، وسُرَّ بهذا اللقاء السلفيون في المدينة وفي كل مكان، إلا واحدا، ضاق صدره بهذا اللقاء، فامتلأ قلبه بالأحقاد والأضغان، وأضحى يغلي كالقدر الملآن، فأجمع خيله ورجله وجنّد جنوده ليثير الفتن كوسواس الشيطان، فأهرع إلى بيته –كعادته- المنسوج من خيط العنكبوت، ليعرض بضاعته الكاسدة بالإفك والبهتان، ويتشبّع بما لم يعط بالحماقة والهذيان، وتمسّك بسراب كتخيل الظمآن، وزعم أن ما قاله إمام الفرسان ابن القيم - رحمه الله - يعد طعنا في الصحابة - عليهم الرضوان -، فصال وجال كالدخان، يرقى إلى أوج الرفيع ثم يهوي إلى قعر حضيض دان.
وسأبين في هذه التعليقات مدى جهل الرجل بأيسر قواعد العلم، وشذوذه عن العلماء. وأنه أضل من حمار الحكيم.

قال حمار الحكيم تومَا ... لو أنصفوني لكنت أركب
لأنّني جاهل بسيط........ وراكبي جهله مركّب

أما بقية سفاهاته وحماقاته فسأعرض عنها، لأن الوقت – والذي لا إله إلا هو - أنفس من صرفه في الاشتغال به.

يتبع....


 الشيخ عبد المجيد جمعة : التصفية والتربية
الحلقة الأولى
siege auto

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليق في المدونة ينتظر الموافقة